link4all

الخميس، 13 أبريل 2017

كيف يتم نقل البيانات لاسلكيًا؟ مثال البلوثوث

الكثير من الأسلاك .. والبديل؟ واحد، أهلاً بكم في عالم موجات الراديو، أهلاً بكم في عالم تقنية Bluetooth.

يوماً بعد يوم، وساعةٌ تِلو الأُخرى، تقوم بتبادل الصور ومقاطع الفيديو والمُوسيقى مع أصدقائك عبر الهاتف، دون الحاجة إلى وصلات ودون الحاجة إلى إستخدام جهاز طرف ثالث ليكون هو حلقة الوصل بينكم، لعلك قد تسائلت في إحدى المرات عن كيفية عمل هذه التقنية التي تُوفر عليك الكثير من التكاليف والجهد والوقت، بالإضافة لكونها الحل الأمثل في تبادل الملفات – كافة أنواع الملفات – أيُما كانت، بل وأكثر من ذلك، فاليوم ونحن قد قاربنا على مُنتصف العام السابع عشر بعد الألفين، لم يعُد مجال إستخدام تقنية Bluetooth مُنحصراً أو محدوداً فقط في تبادل الملفات، فنحن هنا في عصر IoT، أو ما يُعرف ب" إنترنت الأشياء – Internet of Things"، فقد أصبحت قادراً على التحكم تقريباً بكل شيء في منزلك من موقعٍ واحد، دون الحاجة للذهاب إلى مكان ما مُعين لتضغط أحد الأزرار أو تقوم بتوصيل أحد الوصلات، فأنت تستطيع أن تقوم بتشغيل وإطفاء الإضائة وفتح الفرن الكهربي وفتح الأبواب وفعل كل شيء تقريباً في منزلك أو مكتبك من مكانٍ واحد من خلال بضع النبضات على شاشة ملموسة أو أزرار.

دعونا نتعرف من خلال مقالة اليوم عن كيفية عمل واحدة من أهم التقنيات في العصر الحديث، وأكثرها إفادة للبشرية، وأخص بالذكر، مُستقبل البشرية فيما بعد عام 2020.

تقنية Bluetooth

عُرِفت تقنية Bluetooth سابقاً ب “Short-Link Radio Technology” أو “تقنية الربط الراديوي قصير المدى” وهي تقنية موجات راديوية تم تصميمها خصيصاً للإتصالات قصيرة المدى والتي لا تزيد عن 30 قدم أو ما يُعادل عشرة أمتار، تقوم التقنية باستخدام موجات الراديو ذات الأطوال القصيرة عالية التردد أو ما تُعرف ب Short-Wavelength UHF Radio Waves في مدىband"  ISM "Industrial, Scientific and Medical بين 2.4 إلى 2.485 جيجاهرتز، وذلك لصُنع شبكات شخصية في نطاق مُحدد "PANs".

تُدار التقنية بواسطة Bluetooth Special Interest Group " SIG" والذي يضم ما يزيد عن 30 ألف شركة عضوة في مجال الإتصالات والحوسبة والشبكات بالإضافة إلى الإلكترونيات الإستهلاكية، حيث يحتاج كل صانع أجهزة أن تُطابق مُواصفات جهازه معايير Bluetooth SIG كي يتمكن من بدأ الدعايا لجهاز يستخدم تقنية Bluetooth. تم بدأ تطوير بواسطة Nis Rydbeck في عام 1989 حيث كان يعمل في شركة Ericsson Mobile في السويد، إضافةً إلى Johan Ultman.

كان الغرض من تطوير التقنية في البداية هو صُنع سماعات لاسلكية، حيث طلب Rydbeck من Tord Wingren وتحديداً Jaap Haartsen و Sven Mattisson والذان كانا يعملان لشركة Ericsson المُواصفات المطلوبة بُناءً على تقنية FHSS أو ما تُعرف ب Frequency-Hopping Spread Spectrum وذلك ليقوموا بصُنع بديل مُناسب لوصلات RS-232 الخاصة بنقل البيانات حينها، حيث استطاعت تقنية Bluetooth أن تقوم بالتوصيل بين ما قد يصل إلى سبعة أجهزة في آنٍ واحد دون مُقاطعة بعضهم البعض وهو ما جعلها تتغلب على مشاكل التقنيات والوصلات السابقة.
أما اسم Bluetooth فقد أتى من اسم الملك الإسكندنافي Harald Bluetooth من القرن الثامن عشر، وذلك لكونه يُعد أحد أفضل الأمثلة لهذه التقنية على أرض الواقع كونه قد كان بتوحيد القبائل الدنماركية المُتنافرة تحت إمرة مملكة واحدة. وقد تم إقتراح هذا  الاسم بواسطة Jim Kardach في عام 1997 ولمن لا يعرف، فإن Kardach هو مُطور النظام الذي سمح للحواسيب والهواتف بالإتصال سوياً، حيث كان يقرأ في ذلك الوقت رواية تاريخية ل Frans G. Beingtsson وهي رواية The Long Ships والتي تحكي عن الفايكنج والملك Harald Bluetooth.


أما الشعار، فهو يتكون من مُكونين هما:

حرف H بالإسكندنافية المعروفة ب Younger Futhark ويُنطق Hagali ويرمز للاسم الأول من Harald.
حرف B والذي يُنطق Bjarken في اللغة الإسكندنافية أيضاً وهو يرمز للاسم الثاني Bluetooth.
آلية عمل تقنية Bluetooth

ننتقل هنا لأهم نقاط موضوعنا اليوم، كيفية عمل هذه التقنية، سآخذ مِثالاً في مُحاولة تبسيط الأمر عليكم، فلنتحدث على سبيل المِثال على السماعات اللاسلكية وتوصيلها بالهاتف عن طريق تقنية Bluetooth.

أولاً، كي يتمكن كل جهاز من التواصل مع الآخر عبر تقنية Bluetooth يحتاج إلى جزء برمجي وجزء مادي، أما الجزء المادي فهو شريحة هوائية موجودة في كلا الجهازين تقوم بإرسال وإستقبال الموجات عبر تردد مُعين، أما الجزء البرمجي فهو يقوم بما يُعرف “تفسير” الإشارات القادمة وإرسالها إلى الجهاز بصورة يستطيع قرائتها. وبهذه الطريقة وعند إنشاء لغة التواصل الخاصة بين الجهازين، يتعرف الهاتف على الكيفية والهيئة التي يقوم بإرسال الملفات الصوتية من خلالها والمعلومات بالطريقة التي تفهمها السماعات، بالإضافة إلى دور السماعات أيضاً في تفسير الأوامر الصادرة من الهاتف كخفض ورفع الصوت والتحكم في المقاطع.

في أغلب الحالات عند القيام بتفعيل خاصية Bluetooth في أياً من الجهازين سيُصبح أحدهما قابلاً للإكتشاف من قِبل الآخر وبالطبع في حالتنا هذه فإن السماعة هي التي يتم إكتشافها بواسطة الهاتف، تُرسِل كذلك السماعات قدراً ضئيلاً من المعلومات إلى الهاتف وهذا هو دورها الأهم في هذه العملية، وذلك لتقوم بتنبيه الهاتف بأنها جاهزة ومُستعدة لإستقبال المعلومات منه لتُصبح تحت إمرته لتتكون حينها شبكة شخصية محدودة المنطقة بين كلا الجهازين أو كما ذكرنا سابقاً PAN.

ولكن لعلك قد تتسائل، كيف لا تختلط إشارات Bluetooth المُتواجدة في المكان الواحد؟ الإجابة تكمن في عناوين إشارات كلٍ من الأجهزة المُتصفحة، فحتى ولو كانت هناك إشارات تنبعث من أجهزة أخرى بنفس الطول الموجي لتلك الأجهزة، فإن لكل إشارة ذات طول موجي من هذه الأطوال عنوان مُعين يُمكن إكتشافه وقرائته ليتم تبادل البيانات بين الأجهزة المُتوافقة فقط. كذلك، فإن تقنية Bluetooth تعمل كما ذكرنا سابقاً في نطاق محدود، وهو ما لا يزيد عن عشرة أقدام، مما يمنع بكل تأكيد وجود العديد من الإشارات في هذه المساحة الصغيرة كي تقطع الإشارات بين بعضها البعض.

وِفقاً لموقع Bluetooth.com وهو الموقع الخاص بهذه التقنية الرائعة، فإنه وكما ذكرنا تعمل هذه التقنية في مدى ما بين 2.4 إلى 2.485 جيجاهرتز، ومن خلال ما يُعرف بتقنية spread-spectrum frequency hopping عند مُعدل 1600 hops/sec.

حسناً، قد تكون قد اكتفيت من تلك الأرقام، دعني أُبسط لك الأمر بشكلٍ أفضل.

تكمن مهمة شريحة Bluetooth في إطلاق أطوال موجية في منطقة مُحددة من الترددات مُخصصة للإتصالات قصيرة المدى. إلا أن إحتمالية وجود أجهزة أخرى تقوم بإرسال أطوال موجية أخرى ومُستعدة لإستقبال الأطوال الموجية الخاصة بباقي الأجهزة يعني أن هناك خطر قد يتسبب بسبب مُقاطعة الأطوال الموجية بعضها البعض خاصةً تلك الموجودة في نفس النطاق الصغير بنفس الترددات أو بترددات مُتقاربة.

فكان الحل حينها هو أن تقوم الإشارات بما يُعرف ب Hops أو قفزات خلال التردد. وكما ذكرنا فإنه بالنسبة لتقنية Bluetooth تقوم الإشارات بالقفز فيما بين الترددات حوالي 1600 قفزة في الثانية الواحدة، وبالطبع تُصبح هنا إحتمالية وجود ترددين مُتساويين صادرين من جهازين مُختلفين هي إحتمالية لا تزيد عن 0.00125 بالمائة.

ليس الامر هو نفسه بالنسبة للسماعات اللاسلكية التي تستعمل تقنية Bluetooth، فهذه السماعات تستخدم إتصال دوبلكس كامل أو جزئي. أما إتصال دوبلكس الكامل فهو يعني أن كافة الأجهزة المُتصلة قادرة على إرسال وإستقبال الإشارات، أي أن المُحادثة الناشئة بين الجهازين في هذه الحالة ستُصبح ذات إتجاهين بدلاً من إتجاه واحد، ويظهر هذا جلياً في حالة أجهزة Walkie-Talkie والتي يستقبل ويُرسل فيها كلا الطرفان الصوت في نفس الوقت.

تقنية Bluetooth هي تقنية كما ذكرنا مُوجهة لنقل البيانات في المدى القصير، وهي الخيار الأفضل لنقل البيانات فيما بين الهواتف المحمولة، والسبب في ذلك هو شيء جاء على مصلحة شيء آخر، وهو إنخفاض الطاقة المُستهلكة بواسطة شريحة Bluetooth في هاتفك، وهو ما يجعلها بالطبع لا تُرسل الملفات والمعلومات خلال مدى بعيد، وكذلك لا تُرسلها بسرعة عالية. فالتقنية مُخصصة لنقل وتبادل المعلومات خلال 10 أمتار، وحتى أن الشرائح المُستخدمة في المصانع لا يزيد مداها عن 300 قدم أي 100 متر.

يتم تطوير التقنية شيئاً فشيئاً من خلال إصدارات جديدة، فعلى سبيل المِثال، جاء الإصدار Bluetooth 4.0 بمدى أبعد وصل إلى 200 قدم بدلاً من 33 قدم في الإصدار Bluetooth 3.0 مع سرعة نقل بحد أقصى 25 ميجابت في الثانية مع إستهلاك طاقة أقل، وتفوق عليه Bluetooth 5.0 والذي وصل مداه إلى 800 قدم أي 240 متر وسرعة نقل 50 ميجابت في الثانية الواحدة.

Bluetooth أم Wi-Fi؟

كثرة الخلط بين كلاً من تقنية "Bluetooth" وتقنية "Wi-Fi" كون كلاً منهما يطمح في النهاية إلى وصولك إلى ما تريد دون الحاجة لإستخدام العديد من الأسلاك.

تقنية "Bluetooth" تُستخدم دائماً في المسافات القصيرة وتُستخدم لنقل الكميات الصغيرة من البيانات. وعلى عكس "Wi-Fi" فهي أكثر أمناً وأقل إستهلاكاً في الطاقة ويتم توصيلها بشكل تلقائي. أما تقنية "Wi-Fi" فهي تُستخدم لنقل الكميات الكبيرة من البيانات بين الحواسيب والإنترنت، كما أنها عادةً ما تقوم بالتوصيل خلال مسافات طويلة، وبالطبع كناتج لهذه الخصائص فهي تستخدم قدر أكبر من الطاقة.

هل إستخدام "Bluetooth" مُضر؟

لا توجد تقريباً تقنية على وجه الأرض لم يدور الحديث حول أضرارها صحياً، أيُما كانت، أينما كانت تُستخدم، وكيفما تُستخدم، وبالطبع لم تسلم صديقتنا من هذا الأمر، فقد انتشرت الشائعات حول تقنية Bluetooth عن ضررها للجسم وكونها مُسببةً لمرض السرطان، إلا أن هذا الأمر ليس بصحيح، ذلك لأن تردد موجات الراديو ينتشر في مدى من 2.402 إلى 2.480 جيجاهرتز وهي أشعة غير مُتأينة وغير مُؤذية. كذلك، فإن أقصى طاقة تخرج من موجات Bluetooth الراديوية هي 100mW، وهي ما لا تُسبب أي ضرر على الجسم على الإطلاق.

ماذا يحدث إذا تم تفعيل Bluetooth وترك الهاتف يعمل؟

يُعد الإستهلاك الحقيقي لشريحة Bluetooth المُتواجدة بهاتفك عن طريق تناقل البيانات بين هاتفك والأجهزة الأُخرى، أما في حالة ترك الهاتف وتوصيله حتى بجهاز يعرفه دون نقل البيانات، على سبيل المِثال ربطه بأحد مُشغلات المُوسيقى دون تشغيل موسيقى بالفعل، فهذا يعني انه لن يبذل مجهوداً في نقل البيانات، أو حتى مجهوداً في البحث عن أجهزة Bluetooth القريبة، أي أن مُحصلة إستهلاك الطاقة تكون 0.

كان هذا كل ما قد توصلت إليه عن تقنية Bluetooth، واحدة من النقلات النوعية في التاريخ، والتي وفرت علينا الكثير والكثير من الوقت والمجهود والتكاليف وحتى الأماكن، فلم نعد بحاجة لمساحات لتوصيل الأسلاك وكذلك وفرت علينا مخاطر وجود أسلاك قد تُسبب في وقوع بعضنا. إذا ما كنت تعرف أي شيء آخر يخص هذه التقنية الرائعة شاركنا به في التعليقات لعلي والقُراء الآخرين يستفيدون مما قد تُضيف.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق