من غير المُمكن أن لا تكون قد استخدمته ولو لمرةٍ واحدة على أقلِ تقدير طوال حياتك العامرة بإستخدامك لشبكة الإنترنت، الموقع الذي لم يختفي للحظة من تاريخ تصفح أي حاسب شخصي أو هاتف محمول تقريباً، لا نتحدث اليوم عن مُحرك البحث Google نفسه، وإنما نتحدث عن أحد أهم الخدمات التي يُقدمها هذا الصرح الكبير، وهي خدمة الترجمة الفورية والمعروفة Google Translate. بالتأكيد لسنا هنا اليوم لنقوم بالتعريف بالخدمة، فكما ذكرت سلفاً تقريباً لا تخلو قائمة تاريخ التصفح من هذا الموقع، إلا أنني اليوم سأُحاول أن أُجيب على سؤال ربما قد خطر على بالكم يوماً وهو: ما هي آلية عمل خدمة Google Translate والخدمات المُشابهة؟
في نهاية عام 2016، وتحديداً في نوفمبر، انتقل نظام الترجمة في جوجل من الترجمة الإحصائية إلى الترجمة العصبية، وهو نمط ترجمة يستخدم تقنيات التعلم العميق. تم تطوير هذا النظام بواسطة Google نفسها.
تقوم آلة جوجل للترجمة العصبية بإستخدام شبكة عصبية ضخمة ذات ذكاء إصطناعي قادرة على التعلم العميق من خلال إستخدام الملايين من الأمسلة، حيث يقوم هذا النظام بتحسين الترجمة من خلال إستخدام سياق الكلا ليصل إلى أفضل ترجمة مُمكنة. وبعد ذلك يتم ترتيب الترجمة وأقلمتها لتُصبح مُتوافقة مع قواعد الترجمة البشرية.
قارب هذا النظام بشكل أكبر من المُستوى البشري للترجمة، كونه استطاع التغلب على العقبات التي كانت تواجه النظام الإحصائي عند ترجمة الجمل الكاملة بين اللغتين الصينية والإنجليزية وذلك من خلال الترجمة بواسطة الإستفادة من البشر ثُنائيِّ اللغة ليقوموا بتعليم النظام. أي أن Google قامت ببساطة بزيادة مصادر الكلمات والجُمل التي يتم إدخالها للنظام.
حيث قامت الشركة بإطلاق ما يُعرف بترجمة Zero-Shot لنظام ترجمة جوجل مُتعدد اللغات، والذي يتجنب الترجمة للمُصطلحات الزوجية في اللغة الواحدة من خلال إدخال عبارات إلى النظام لها معاني بشكل مُستقل عن اللغة.
على سبيل المِثال، فإنهم يصفون في تقريرهم كيفية إستخدام الترجمة اليابانية- الإنجليزية والكورية-الإنجليزية سوياً لتعليم النظام مُتعدد اللُغات ومن ثم يقومون بطلب ترجمة أزواج من الكلمات لم يتم تقديمها له من قبل، وهي عبارة عن ترجمة من الكورية إلى اليابانية. وبشكل مُثير للدهشة، فإن النظام قد استطاع إنتاج جُمل ذات معنى حقيقي ومن خلال الترجمة بين لغتين اثنتين فقط بدون الرجوع إلى اللغة الإنجليزية الوسيطة بينهم.
الأمر ليس بتلك البساطة التي كنا نتوقعها إذاً، فهناك المئات من العُقول عالية الذكاء التي تعمل مُحاولةً الوصول إلى أفضل النتائج من خلال هذه الخدمة التي قد يراها البعض بسيطةً في تصميمها وشكلها أو مُعقدة في طريقة عملها التي يظن أنها تعمل بها والتي ذكرناها في بداية المقال وهم الأشخاص المحبوسين في جزيرة مُنعزلة ويقومون بإدخال الآلاف من الكلمات يومياً إلى الخدمة. فالأمر هنا وصل لأعلى مُستويات التقنية المُتواجدة حالياً من خلال إستخدام الذكاء الإصطناعي والقدرة على تطوير الآلة لتُصبح قادرة على تعليم نفسها بنفسها من خلال إستيعاب أكبر قدر من المعلومات المُقدمة لها وتقديمها بشكل بسيط للمُستخدم.
أتمنى أن أكون قد تمكنت قدر المُستطاع من تقديم آلية عمل خدمة الترجمة بجوجل بشكل يسهل فهمه، بالتأكيد الأمر أعقد من ذلك إلا أنني لن أتعمق في جزئية الذكاء الإصطناعي والتي لا أمتلك فيها علماً سوى القليل كي لا أُعرِّض نفسي لخطر ذكر معلوماتٍ خاطئة قد أُحاسب عليها. أنتظر مُشاركتكم أعزائي القُراء في هذه المقالة لنتوسع أكتر بمعرفتنا في مجال الذكاء الإصطناعي وليُدلي كلٌ منا بما يعرفه في هذا المجال الذي يُعد مُستقبل العالم، فلا خير في كاتِم علم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق